فيتامين أ للشعر: الفوائد، المصادر، ودوره الحيوي في صحة فروة الرأس ونمو الشعر
تُعدّ الفيتامينات من العناصر الأساسية التي يحتاجها الجسم للقيام بوظائفه الحيوية بكفاءة، ويبرز من بينها فيتامين أ (Vitamin A) بوصفه أحد أبرز هذه الفيتامينات، ليس فقط لصحة البصر والجهاز المناعي، بل أيضًا لدوره الحيوي في دعم صحة الشعر وفروة الرأس. إن تأثير فيتامين أ على الشعر يتداخل مع عدة آليات بيولوجية تشمل نمو الخلايا، إنتاج الزهم، وتحفيز الدورة الدموية في فروة الرأس، مما يجعله عنصرًا بالغ الأهمية في النظام الغذائي لأي شخص يسعى للحفاظ على شعر صحي وقوي.
يُستخدم فيتامين أ في الكثير من المستحضرات التجميلية، سواء الموضعية أو الفموية، كما أنه يتواجد في العديد من الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية. وسنستعرض في هذا المقال بشكل مفصل وعلمي كل ما يتعلق بفيتامين أ من حيث أهميته، آلية عمله، أعراض نقصه، مصادره الطبيعية، الجرعات المناسبة، وأثره على مشاكل الشعر الشائعة مثل التساقط، الجفاف، وضعف البصيلات.
التركيب الكيميائي لفيتامين أ وأنواعه
يتكون فيتامين أ من مجموعة من المركبات الذوابة في الدهون، وأشهرها:
-
الريتينول (Retinol): الشكل النشط لفيتامين أ، يوجد في المنتجات الحيوانية.
-
البيتا كاروتين (Beta-carotene): مركب نباتي يتحول إلى ريتينول داخل الجسم.
-
الريتينال (Retinal): الشكل الذي يساهم في عمليات الرؤية.
-
حمض الريتينويك (Retinoic acid): يؤثر على نمو الخلايا وانقسامها.
يعمل الجسم على تخزين فيتامين أ في الكبد، ويُفرز حسب الحاجة، مما يجعله من الفيتامينات القابلة للتراكم، ما يعني أن الإفراط فيه يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية وسُمية.
أهمية فيتامين أ لصحة الشعر
1. تحفيز نمو الخلايا
الشعر يتكون من خلايا تنمو وتنقسم بسرعة كبيرة، وفيتامين أ يُعدّ من العوامل الأساسية لتحفيز عملية انقسام الخلايا ونموها. إذ يدعم الريتينول بشكل مباشر تجدد خلايا الجلد بما في ذلك خلايا بصيلات الشعر، مما يساعد على تسريع نمو الشعر وتحسين كثافته.
2. إنتاج الزهم (Sebum)
إحدى الوظائف الحيوية لفيتامين أ تكمن في تنظيم إفراز الزهم، وهي المادة الدهنية الطبيعية التي تنتجها الغدد الدهنية في فروة الرأس. الزهم يشكل طبقة حماية طبيعية على فروة الرأس، ويمنع جفاف الشعر وتكسّره، مما يحافظ على ليونة ولمعان الشعر.
3. تعزيز الدورة الدموية في فروة الرأس
يساعد فيتامين أ في تحسين تدفق الدم عبر فروة الرأس من خلال دعم صحة الأوعية الدموية. الدورة الدموية الجيدة ضرورية لتغذية بصيلات الشعر بالأكسجين والمغذيات، مما يعزز نمو الشعر ويمنع تساقطه.
4. دعم جهاز المناعة الجلدي
لفيتامين أ دور في تعزيز المناعة الموضعية لفروة الرأس، ما يقي من العدوى الفطرية والبكتيرية التي قد تؤثر سلبًا على صحة الشعر، مثل التهاب الجريبات أو القشرة الدهنية.
تأثير نقص فيتامين أ على الشعر
يؤدي نقص فيتامين أ إلى عدة أعراض جلدية وشعرية يمكن أن تتفاقم مع مرور الوقت، من أبرزها:
-
جفاف فروة الرأس والشعر
-
تباطؤ نمو الشعر
-
تساقط الشعر بكميات غير طبيعية
-
ظهور قشرة الرأس
-
تكسّر الشعر بسهولة وفقدان لمعانه
في الحالات الشديدة من النقص، قد يظهر تساقط الشعر في شكل بقع أو فراغات في فروة الرأس، وهو ما يُعرف بـ”الثعلبة الناتجة عن سوء التغذية”.
العلاقة بين الإفراط في تناول فيتامين أ وتساقط الشعر
على الرغم من أهمية فيتامين أ، إلا أن تناوله بكميات زائدة عن الحاجة قد يؤدي إلى نتيجة عكسية تمامًا. فقد أظهرت عدة دراسات طبية أن زيادة فيتامين أ في الجسم تؤدي إلى تساقط الشعر، وتُعزى هذه الظاهرة إلى السُمية الكبدية واضطراب في التوازن الهرموني الخلوي في بصيلات الشعر.
تشير منظمة الصحة العالمية (WHO) إلى أن الجرعة اليومية الموصى بها من فيتامين أ للبالغين تتراوح بين 700 إلى 900 ميكروغرام، ويُفضل عدم تجاوز 3000 ميكروغرام يوميًا إلا تحت إشراف طبي مباشر.
المصادر الغذائية الطبيعية لفيتامين أ
ينقسم فيتامين أ الغذائي إلى نوعين حسب المصدر:
المصادر الحيوانية (ريتينول):
-
كبد البقر والدجاج (من أغنى المصادر)
-
البيض
-
الحليب كامل الدسم
-
الزبدة
-
الجبن الصلب
المصادر النباتية (بيتا كاروتين):
-
الجزر
-
البطاطا الحلوة
-
السبانخ
-
الكرنب (الملفوف)
-
الفلفل الأحمر
-
القرع العسلي
-
المانجو
فيما يلي جدول يوضح كمية فيتامين أ في أبرز الأطعمة:
| الغذاء | كمية فيتامين أ (بالميكروغرام لكل 100غ) |
|---|---|
| كبد البقر المطبوخ | 9000 |
| الجزر النيء | 835 |
| البطاطا الحلوة | 961 |
| السبانخ المطبوخة | 573 |
| الزبدة | 684 |
| البيض الكامل | 149 |
| الحليب الكامل | 68 |
فيتامين أ كمكمل غذائي لعلاج مشاكل الشعر
عند عدم القدرة على الحصول على كميات كافية من فيتامين أ عبر النظام الغذائي، يمكن اللجوء إلى المكملات. تُوجد هذه المكملات بأشكال متعددة تشمل:
-
كبسولات ريتينول
-
مركبات بيتا كاروتين الطبيعية
-
مكملات متعددة الفيتامينات تحتوي على فيتامين أ بنسب مدروسة
ومع ذلك، يجب استشارة الطبيب قبل بدء تناول المكملات، خصوصًا عند وجود أمراض في الكبد أو الحمل، لأن التداخلات الدوائية والتأثيرات الجانبية قد تكون خطيرة في بعض الحالات.
استخدام فيتامين أ موضعيًا للشعر
بالإضافة إلى استخدامه كمكمل، يدخل فيتامين أ في تركيبة العديد من الزيوت والكريمات الموضعية الخاصة بالعناية بالشعر. أبرز هذه المنتجات تتضمن:
-
زيت الريتينول للشعر: يُستخدم لتقوية الشعر ومنع تقصفه.
-
سيرومات تحتوي على مشتقات فيتامين أ: لتحفيز نمو الشعر في فروة الرأس.
-
شامبوهات طبية: لعلاج القشرة والتهابات فروة الرأس.
تعتمد فعالية هذه المنتجات على التركيز المستخدم، ونوع الجلد، وتكرار الاستخدام، وتُفضل المنتجات الموجهة طبيًا التي تُستخدم تحت إشراف مختص.
فيتامين أ والعلاجات التجميلية للشعر
يدخل فيتامين أ كمكوّن نشط في العديد من العلاجات التجميلية والدوائية التي تُستخدم لعلاج مشاكل الشعر المستعصية. من أبرزها:
-
العلاجات بالميزوثيرابي: حيث يُحقن فيتامين أ ضمن مزيج من المغذيات الدقيقة في فروة الرأس.
-
العلاجات بالليزر منخفض الشدة مع فيتامين أ: لتحفيز الدورة الدموية.
-
العناية التجميلية بعد زراعة الشعر: حيث يُستخدم فيتامين أ لتحفيز نمو الشعر المزروع.
التوصيات الطبية والممارسات المثلى
للحصول على الفائدة القصوى من فيتامين أ لصحة الشعر، يُنصح بما يلي:
-
تناول مصادر طبيعية متنوعة يوميًا لضمان تغطية الاحتياج الغذائي.
-
تجنّب المكملات العشوائية إلا بعد استشارة الطبيب المختص.
-
الدمج بين الغذاء والعناية الموضعية للحصول على نتائج شاملة.
-
الحرص على التوازن بين فيتامين أ وبقية الفيتامينات، خاصة فيتامينات E، D، و C التي تعمل بشكل تكاملي لدعم صحة الشعر.
الخلاصة
يلعب فيتامين أ دورًا محوريًا في صحة الشعر، سواء من حيث النمو أو الوقاية من التلف والتساقط، وهو بذلك عنصر لا غنى عنه ضمن نظام غذائي متوازن أو في برامج العناية الطبية بالشعر. غير أن التوازن هو المفتاح، فبين النقص والزيادة يقف الشعر في مفترق طرق، قد يؤدي إلى الكثافة واللمعان أو إلى التقصف والتساقط. التغذية السليمة، إلى جانب العناية المنتظمة، تمثل الأساس الحقيقي لشعر صحي يعكس الحالة العامة للجسم من الداخل إلى الخارج.
المراجع:
-
Institute of Medicine. Dietary Reference Intakes for Vitamin A, Vitamin K, Arsenic, Boron, Chromium, Copper, Iodine, Iron, Manganese, Molybdenum, Nickel, Silicon, Vanadium, and Zinc. National Academies Press, 2001.
-
National Institutes of Health (NIH) Office of Dietary Supplements – Vitamin A Fact Sheet. https://ods.od.nih.gov/factsheets/VitaminA-HealthProfessional/

